القصة الأحادية.. سرد قاصر لموضوع متعدد الأبعاد

في عام 2009، ألقت الروائية النيجيرية شيماماندا نغوزي أديتشي عرضا على منصة TED المتخصصة في منح الكلمة لذوي الأفكار النيرة والمبدعة. كلمة الروائية النيجيرية اعتبرت واحدة من أكثر عروض TED شعبية على الإطلاق. في حديثها القيم، ناقشت شيماماندا مخاطر القصة الأحادية وأهمية الروايات المتعددة، مسلطة الضوء على ضرورة الوعي بأن كل فرد وكل مجتمع لديه قصة معقدة متعددة الطبقات، وأن اختزال شخص أو شيء ما في قصة واحدة يمكن أن تكون له عواقب مدمرة على المديين المتوسط والبعيد. 

وعطفا على فكرة شيماماندا فإن القصة الأحادية عبارة عن رواية مختزلة تبالغ في تبسيط وتحريف التعقيدات والفروق الدقيقة لشخص أو مجتمع أو ثقافة معينة.  وعلى سبيل المثال لا الحصر، يعج الأدب والإعلام في الغرب بقصص أحادية عن أفريقيا كقارة متقهقرة وفقيرة تمزقها الحروب وتنخرها الأزمات. وتتجاهل هذه الروايات الأحاديةُ التنوعَ الثقافي الثري والنمو الاقتصادي والتقدم السياسي الذي يميز عددا من البلدان الأفريقية.  وفي نفس السياق، فإن قصة أحادية الجانب عن عرق أو جنس أو طبقة اجتماعية معينة، لا يمكن إلا أن تكون مضرة لأنها تؤكد الصور النمطية، وتعزز التمييز، وتحد من إمكانية التعاطف والتفاهم مع من يعنيهم الأمر.

ومن مخاطر القصة الأحادية أنها تصبح – طوعا أو كرها – السرد المهيمن، وتشكل العدسة التي نرى بها العالم والناس من حولنا. لذلك، يبدو من الأهمية بمكان، أن نضع في الاعتبار أنه أمام كل قصة أحادية، هناك على الضفة المقابلة قصص أخرى تعالج الموضوع المطروح، وتقدمه من زوايا غير مألوفة. ونتيجة لذلك، يمكن لفهمنا أن يصبح أكثر اكتمالاً ودقة، ولتجاربنا الإنسانية أن تتوسع لتشمل فضاءات أرحب نستطيع من بوابتها أن نرى العالم من وجهات نظر متعددة.

ولمواجهة مخاطر القصة الأحادية، يجب التفكير دائما في أن هذه الأخيرة صورة ناقصة التقطها صاحبها من زاوية محدودة وفي ظروف خاصة وغير بريئة أحيانا. ولإكمال هذه الصورة والإحاطة بها من مختلف الجهات، يجب بذل بعض الجهد من خلال البحث عن المشاهد الناقصة والقصص الخفية التي لم تطلها العدسات ولم تنقلها الكلمات. ويعد السفر والمطالعة والاحتكاك بالناس من مختلف الجنسيات والثقافات وصفة مثالية لتحفيز الفكر على عدم هضم القصص الأحادية وتبنيها على مضض. 

إننا باختزال الأفراد والمجتمعات المعقدة في سرد واحد، نجازف بإدامة الصور النمطية والتمييز والتهميش، ونغامر باستهلاك محتوى قاصر ومشوه وغير دقيق،  أو كما عبرت عنه تشيماماندا نغوزي أديتشي ببلاغة في خطابها الشهير قائلة:  “القصة الأحادية تخلق قوالب نمطية، والمشكلة معها ليست في أنها غير صحيحة وحسب، بل لأنها أيضا غير مكتملة، وتجعل من نفسها، الرواية الوحيدة المهيمنة”.

ما رأيك في هذا الموضوع؟

Similar Posts