
“ألو، ألو… لدي مشكلة”. يبدأ المتصل كمن يطرق باب العدالة بحثًا عن مخرج آمن. لكن كلماته ليست إلا مرآة تعكس قلقًا يفضح نفسه. هذا الرجل الذي يعيش بعيدًا في أوروبا منذ خمس سنوات، تاركًا زوجة مغربية في بيت يحمل اسمه، يسأل البرنامج الإذاعي بقلق: هل ستنال زوجته نصف الممتلكات إن طلقها؟ هل سيصبح البيت لها بعد وفاته؟ وكأن المرأة ليست سوى خطر على إرثه، لا شريكة في حياته.
لكنني، لو أُتيحت لي الإجابة، لقلت له: أنت لم تتزوج. لقد عقدت صفقة مريبة، كأنما اشتريت خادمة بدون راتب. تركتها هناك لتعتني بوالديك، تُنفق شبابها على رعاية ليس لها نصيب فيها سوى غرفة باردة ومصروف جيب، بينما أنت تتنقل بين المدن الأوروبية، تغيب أكثر مما تحضر، تُحصي الأرباح وتخطط للخسائر.
لهذا جاءت تعديلات مدونة الأسرة في المغرب، ولهذا أحبها. إنها ليست فقط قوانين، بل صفعة لكل من يعتقد أن الزواج قيدٌ على المرأة وحريةٌ للرجل. وأنت يا من تخشى أن تُقسَّم ممتلكاتك، هل فكرت يومًا كيف ستبدو القسمة لو كانت تلك المرأة أختك أو ابنتك؟ ألن تطالب لها بنصف حياتك وليس نصف ممتلكاتك فقط؟
ربما في أعماقك تعرف الإجابة. صوتك المرتبك، وقلقك من “الخسارة”، يخبراننا أنك تخشى العدالة لأنها تسلب منك امتيازاتك. لكن الحقيقة التي تهرب منها هي أن المرأة التي خلفتها وراءك في ذلك البيت، لها من الحق ما يعادل صبرها، وما يعادل غيابك الطويل.”




