
مثيرٌ للتأمل أن تُظهر تعديلات مدونة الأسرة في المغرب ما كان مختبئًا تحت قشرة الذكورة الهشة. فجأة، باتت الأصوات ترتفع على منصات التواصل الاجتماعي، يهدد أصحابها بالعزوف عن الزواج وكأن الحياة لن تستمر بدونهم. يتحدثون عن ثرواتٍ وهمية يخشون أن تسلبها امرأة، وهم بالكاد يملكون ما يُسند كرامتهم.
هذا التذمر ليس إلا مرآة تعكس عقلية ذكورية قديمة، ترى المرأة عبئًا أو مكسبًا، لكنها لا تراها يومًا شريكة متساوية. هذه العقلية، التي تعتبر الزواج فرصة للحصول على “ولودٍ ودودٍ تخدم وتطيع،” تكشف خوف الذكر من مواجهة امرأة تطالب بالإنصاف، لأنها ببساطة تضع أمامه سؤالًا عميقًا: ما قيمتك حين لا تكون متحكمًا؟
إن معظم الذين يهاجمون التعديلات – وليس كلهم – هم أنفسهم من يعتمدون على زوجاتهم وأخواتهم وحتى أمهاتهم لتسيير حياتهم. المضحك المبكي أنهم يعترضون على حقوق تُنصف المرأة، بينما يقفون عاجزين عن تحقيق حياة مستقلة بلا دعمٍ نسائي.
الذكورة الحقيقية لا تهدد بالعزلة ولا تتأفف من الإنصاف، بل هي شجاعةٌ تقبل التغيير وترى في المرأة شريكًا، لا خصمًا. أما من يرى التعديلات خطرًا مُحدقا، فربما عليه أن يُعيد النظر في نفسه أولًا، لأن القوانين إذا كانت مُنصفة، لا تهدد الذكر الواثق، بل تكشف ضعف من يعيش في ظل ذكورةٍ واهية.