أحدث ظهور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في السنوات الأخيرة ثورة في مختلف الصناعات، بما في ذلك قطاع التسويق والإعلان، حيث توصف روبوتات الدردشة ونماذج اللغة الحديثة مثل ChatGPT بأنها بدائل محتملة لمؤلفي النصوص البشرية. وبينما يبدو أن هذه التقنيات قد تطورت إلى الحد الذي يمكنها من أداء مهام معينة كانت حتى الأمس القريب حكرا على البشر، من المهم النظر فيما إذا كانت تقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم قادرة على وضع مؤلفي النصوص البشرية في عطلة اضطرارية وعزلة غير اختيارية.
فبفضل التطور التقني المتسارع، أضحت تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT قادرة على أتمتة العديد من المهام الروتينية المتكررة التي يتعامل معها مؤلفو النصوص التقليديون، مثل كتابة مقالات للويب، وتحرير أوصاف المنتجات الأساسية، وصياغة حملات البريد الإلكتروني، وإنشاء منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. ونتيجة لذلك، تبدو هذه الحلول الآلية أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة، مما يسمح للشركات بتوفير الوقت والموارد التي تنفق على توظيف مؤلفي النصوص البشرية وتدريبهم.
رغم ذلك، من المهم ملاحظة أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لا تزال تفتقر إلى الإبداع واللمسة الخاصة التي يقدمها مؤلفو النصوص البشرية عبر أعمالهم. وإذا كان الذكاء الاصطناعي قادرا على إنشاء نص صحيح نحويًا وسليم من الناحية الهيكلية، فإنه حتى الآن يظل عاجزا عن فهم مشاعر الفئات المستهدفة ودوافعها وتطلعاتها بنفس الطريقة التي يستطيع بها الإنسان فعل ذلك. يعني هذا أن مؤلفي النصوص البشرية قد يظلون ضروريين لتأليف نصوص إبداعية وتطوير حملات تسويقية فعالة تلقى صدى حقيقيًا لدى العملاء.
وعلاوة على ذلك ، فإن دور محترفي الكتابة ومؤلفي الإعلانات كما هو معروف لا يتعلق فقط بتوليد النصوص، بل يتعداها ليشمل العمل مع أعضاء الفريق الآخرين، كالمصممين والمسوقين ومديري المنتجات، لصياغة وتنفيذ استراتيجيات تسويق فعالة. وإذا كانت تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على التعامل مع مهام معينة، فإنها على الأرجح لن تكون قادرة على تعويض التعاون البشري والتواصل الضروري لحملات التسويق الناجحة.
وبعيدا عن هذه النظرة المتفائلة، وبالنظر للقدرات الخارقة التي أظهرتها تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، يمكن لمحترفي الكتابة بجميع أنواعها أن يشعروا، اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالقلق والتوجس من منافس شرس بإمكانه السطو على مناصبهم، وتركهم في الهامش عرضة للبطالة والضياع. وفي انتظار ما ستكشفه السنوات وربما الأشهر القليلة المقبلة، يبدو لزاما على ممتهني الكتابة أن يفكروا في السبل الكفيلة بجعلهم يستثمرون الذكاء الاصطناعي لصالحهم، وفي أسوإ الأحوال، أن يعدوا العدة لتغيير المهنة والالتحاق بقطاعات لم تطلها بَعدُ، يد الذكاء الاصطناعي.