وحدك تجلس القرفصاء

وحدك تجلس القرفصاء


وحدك تجلس القرفصاء
في زاوية
من زوايا عقلك المُجهَد
وعيناك الدامعتان
تطلان بذبول
من نافذة قلبك المُقعد
فترى الناس
ولا أحد من الناس يَراك..!

تدُسُّ يديك
في صدرك المثقل بالجيوب
فلا تجد ما تُجَمِّلُ به المشهد !

إلى جناحيك المنكسرين
تعيدهما خاويتي الوفاض
ولسان حالك يقول:
أحقا لا أحد يراني؟
أم تُراني لا أدرك،
أني أُرى كما أَرى؟!!

تتقاذفك الصور والمشاهد،
فتذْكُر أنك
لوَّحتَ لهم غير ما مرة
فلم يحركوا ساكنا،
واقتربت منهم مرات
فلم ترى على وجوههم
ما يوحي بشعورهم
أنك
قريب منهم حد الالتصاق
وملتصق بهم حد الاحتراق

تنتفض قليلا
فتقف في مفترق طرق
على يسارها بعض اليقين
وبعض الشك فيها على اليمين
تفكر في أي الطريقين تختار
لتصل إليهم
لتثبت لهم
أنك ها هنا موجود
مثلما هم
في قلبك
وعقلك
وكل ذرة من ذرات جسدك
حاضرون كالحياة
وكالموت دائمون

تهتز أذنك فجأة
على وقع همسة تقول:
لقد كنا نراك بالأمس..
أما اليوم
فقد تغيرتَ
وتحولتَ
وصرتَ
غير ذاك الذي عرفناهُ
ذاك الذي عهدناهُ
ذاك الذي أحببناهُ

كالسيف على صدرك
تقع الهمسة،
فينطلق لسانك صارخا:
ومن ذا الذي لا يتغير؟
وهل في الكون كله
شيء لا يتغير؟

تحاول الهمسة مقاطعتك
فتقاطعها بغضب فضولي
وبصراخ طفولي
تلقي الكلمات في وجهها:
“لقد تغيرتُ..
لكن ليس للأسوأ أبدا”

تحاول المضي في الشرح
فتتوقف فجأة
بعدما تدرك
أن الشرح لا يكفي
أن الكلامَ
أبدا بالمُراد
لا يَفي !
وأن الصمت
كما الموت
له سُلطةّ
وسَطوةٌ
وتأثير
أشد فصاحة
وأبلغ تعبيرا

تُشيح بوجهك
عن نافذة قلبك المُقعَد
وتتحرك بخطى ثقيلة
إلى لسانك الطويل
فتستلقي فيه
وعليه تلقي بثقلك كله
وكلُّكَ أمل
أن يلزم الصمت
فلا ينطلق
ولا ينطق أبدا..

أمام المشهد،
تتألم عيناك قهرا
فتجف في أحداقك الدموع
تنكمش شفتاك دهرا
فتحترق في فمك الشموع
تتمرغ على ظهر لسانك
إلى أن تغمض عينيك
فتحلم أن رسالتك
قد وصلت
دون شرح
دون تفسير
ودون كلمات حتى

تواصل حلمك..
فترى أنهم
يلوحون لك
يقتربون منك
يعانقونك
يقبلونك
ويلتصقون بك…
وتتمنى
أن لا ينتهي الحلم،
وأن لا تستيقظ أبدا !

ما رأيك في هذا الموضوع؟

Similar Posts